يشهد قطاع الصحة في المغرب تصعيدًا واسعًا، حيث تتضافر جهود العديد من النقابات والتنظيمات لرفع الصوت احتجاجًا على ما وصفته بالتجاهل الحكومي لمطالبهم العادلة.
إلى جانب النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، أعلنت التنسيقيات النقابية الوطنية في قطاع الصحة وعدد من التنظيمات النقابية الأخرى عن برامج نضالية تصعيدية، تشمل إضرابات متتالية ووقفات احتجاجية، في محاولة للضغط على الحكومة لتنفيذ التزاماتها السابقة.
وفي هذا السياق، أشهرت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام ورقة الإضرابات ال لوطنية التي تبدأ يومي 21 و22 يناير الجاري، على أن تتبعها موجة أخرى من الاحتجاجات خلال الأيام التالية.
بالموازاة قررت التنسيقيات النقابية الوطنية تنظيم إضرابات شاملة يومي 29 و30 يناير 2025، مع إضرابات إضافية مقررة أيام 4 و5 و6 فبراير 2025. من جهتها، انضمت الجامعة الوطنية لقطاع الصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل إلى حراك الإضرابات، معبرة عن استيائها من “التسويف الحكومي”، وداعية إلى حل عاجل للأزمة.
كما أعلنت التنسيقية الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان تضامنها مع الإضرابات، مؤكدة دعمها لمطالب تحسين الأوضاع المادية واللوجستية للقطاع.
ترى النقابات أن الحكومة أخفقت في تنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024، الذي تضمن تحسين الأجور، تقليص ساعات العمل، وتوفير المعدات الطبية اللازمة. كما أشارت النقابات إلى ضرورة سد العجز الكبير في الموارد البشرية، حيث يقدَّر النقص بحوالي 97 ألف طبيب وممرض، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة الرعاية الصحية.
يعاني القطاع الصحي من تدهور كبير، حيث تشهد المستشفيات والمراكز الصحية نقصًا حادًا في الأدوية والمعدات الطبية، مما يفاقم معاناة المواطنين، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من نقص الخدمات الأساسية.
الإضرابات المتواصلة تزيد من تعقيد الوضع الصحي، حيث يتم تعليق العديد من الخدمات، باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش التي تستمر في العمل.
في ظل التصعيد، لم تقدم الوزارة أي ردود واضحة بشأن تنفيذ مطالب النقابات، مكتفية بالإعلان عن مبادرات مثل الأسبوع الوطني للتلقيح. لكن هذه الإجراءات لم تُقنع النقابات التي ترى فيها محاولات لتجاهل المطالب الحقيقية.
وسط هذا الاحتقان، دعا مراقبون ومنظمات حقوقية إلى الجلوس إلى طاولة الحوار بين جميع الأطراف لتجنب المزيد من تدهور الوضع. الإضرابات وإن كانت حقًا مشروعًا، فإنها قد تزيد من معاناة المرضى، ما يفرض على الحكومة والنقابات إيجاد حلول توافقية تضمن تحسين ظروف العاملين في القطاع وتوفير خدمات صحية لائقة للمواطنين.
مستقبل القطاع الصحي في المغرب رهين بمدى جدية الأطراف في التفاوض، فالأزمة الحالية تتطلب قرارات جريئة وإصلاحات هيكلية تضمن حقوق العاملين وتلبي احتياجات المواطنين، خاصة أن القطاع الصحي يعد أحد أبرز ركائز التنمية الاجتماعية في أي دولة.