كشف تقرير بنك المغرب لعام 2024 عن أرقام صادمة تدل على مدى عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الموظفون العموميون في المغرب تحت إدارة حكومة عزيز أخنوش.
حجم القروض الاستهلاكية الذي بلغ 17 ألف مليار سنتيم، وابتلاع هذه القروض لـ62% من الأجر الشهري، ليست مجرد أرقام مالية باردة، بل هي صرخة اجتماعية تكشف عن انهيار القدرة الشرائية وتدهور مستوى الحياة لكافة فئات الموظفين.
هذا الواقع المرير يعكس فشلاً ذريعًا في السياسات الحكومية التي لم تستطع، أو لم ترغب، في وضع حد لمعاناة الطبقة المتوسطة التي تشكل العمود الفقري لأي اقتصاد مستقر.
إن ارتفاع نسب الاقتراض بين الموظفين العموميين الذين يشكلون بنيويا القاعدة الواسعة للطبقة الوسطى صمام الأمان ضد التوترات الاجتماعية والذين يفترض أنهم من الأكثر استقرارًا في سوق العمل، يؤشر إلى هشاشة الوضع الاقتصادي الذي يفرض على المواطن الاعتماد على القروض لتغطية أبسط احتياجاته اليومية.
فبينما تتصاعد أسعار السلع والخدمات بشكل مستمر، تظل الأجور جامدة أو حتى متراجعة قيمتها الحقيقية بفعل التضخم، وهو ما يفرض على الموظف عبئًا ثقيلاً دفعه إلى الوقوع في شراك الاستدانة المفرطة. هذا النمط من العيش ليس فقط ضارًا على المستوى المالي، بل يزرع بذور الأزمة النفسية والاجتماعية التي تهدد تماسك الأسرة واستقرار المجتمع.
حكومة أخنوش، التي تفتخر بسياساتها الاقتصادية وتحالفاتها مع القطاع الخاص، يبدو أنها غائبة عن الواقع الاجتماعي المعاش، أو على الأقل عاجزة عن تقديم حلول ناجعة. فغياب برامج دعم حقيقية، وتجاهل الحاجة إلى زيادة أجور الموظفين العموميين، بالإضافة إلى ضعف السياسات الاجتماعية، كل ذلك يعمق الهوة بين الفئات الاجتماعية ويغذي دائرة الفقر والديون.
إن السياسة الحكومية الحالية لا تنظر إلى الموظف كمواطن له حق في العيش بكرامة، بل كمورد مالي يمكن سحبه إلى أقصى الحدود عبر القروض والديون، ما يحوله إلى ضحية استهلاك مؤجل ودين دائم.
وإذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه، فإن المغرب أمام خطر حقيقي يتمثل في تفكك الطبقة الوسطى، التي تعد أساس الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية. الموظفون الذين يكدحون في مؤسسات الدولة يجدون أنفسهم أسيرين لعجلة الاستدانة التي لا تتوقف، مع ما يصاحب ذلك من توترات اجتماعية ونفسية قد تنعكس على الأداء الوظيفي وعلى إنتاجية المؤسسات العمومية.
هذا الانهيار الممنهج للطبقة المتوسطة يعكس سياسة اقتصادية فاشلة لا تراعي البعد الاجتماعي، مما يهدد مستقبل البلاد على المستويين السياسي والاجتماعي.
في النهاية، لا يمكن للحكومة أن تواصل تجاهل هذه الأزمة الاجتماعية الخطيرة تحت ذريعة الاستقرار الاقتصادي أو التوازن المالي، لأن التوازن الحقيقي يبدأ من حماية المواطن وتأمين حد أدنى من الاستقرار المعيشي.
على عزيز أخنوش وحكومته أن يعوا أن ارتفاع حجم القروض الاستهلاكية ليس مجرد رقم في تقرير مالي، بل هو مؤشر واضح على فشل السياسات الحكومية وضرورة إعادة النظر في أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية قبل فوات الأوان.