رغم الخطوات المهمة التي قطعها المغرب في مجال تعزيز حقوق المرأة، وما تضمنه الدستور من مبادئ المساواة والمناصفة، إلا أن الواقع يكشف عن مفارقات صارخة. فالنساء المنتخبات في المجالس الجماعية ما زلن يصطدمن بعقلية ذكورية تُقلل من حضورهن وتُحاصر نجاحاتهن، مما يجعل طريقهن نحو ممارسة فعلية للسلطة المحلية مليئًا بالصعوبات.
الإصلاحات القانونية، خصوصًا نظام الكوطا، فتحت الباب أمام مئات النساء لدخول المجالس الجماعية. غير أن هذا الحضور يبقى هشًّا، إذ سرعان ما تصطدم المنتخبات بجدار من المقاومة الخفية والعلنية، سواء من داخل المؤسسات أو من المحيط الاجتماعي الذي لا يزال أسيرًا لصورة تقليدية لدور المرأة.
في عدد من الجماعات، يُنظر إلى المرأة المنتخبة كعنصر "تكميلي" لا أكثر. بعض المسؤولين الذكور يرفضون الاعتراف بقيادتها، بل يعملون أحيانًا على تهميشها أو سلبها صلاحياتها. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يصل إلى إطلاق تعليقات تقلل من شأن كفاءتها وتربط نجاحها بـ"الصدفة" أو بدعم رجال السياسة.
هذه العقبات لا تمر من دون أثر؛ إذ تعيش العديد من المنتخبات إحباطًا نفسيًا وشعورًا بالعزلة داخل المجالس. بعضهن يواجهن ضغوطًا من أسرهن أو محيطهن لترك المجال السياسي، بينما تختار أخريات الانسحاب أو الاستقالة، وهو ما يحرم الحياة المحلية من أصوات نسائية مؤثرة وضرورية.
التحديات التي تواجه المرأة المنتخبة ليست مجرد معاناة شخصية، بل قضية تمس جوهر المسار الديمقراطي برمته. فغياب الاعتراف الكامل بدورها يعطل التنمية المحلية ويضعف المشاركة المواطِنة.
لذلك، يبقى الرهان الأكبر في كسر هذه الذهنيات، عبر التربية، والإعلام، والسياسات العمومية، والمبادرات المدنية، بما يعزز صورة المرأة كفاعلة سياسية قادرة لا كاستثناء عابر.
فالمرأة المنتخبة ليست مجرد "رقم" في لوائح المجالس، بل هي شريكة في التنمية وصانعة لقرارات تمس حاضر ومستقبل المواطنين.
* فاعلة حقوقية ومدنية
