النقاش حول اشتراط البكالوريا كشرط للترشح للانتخابات التشريعية في المغرب يكشف أزمة أعمق بكثير من مجرد مستوى تعليمي. إنه يعكس مأزقًا أخلاقيًا وسياسيًا للحياة الحزبية، ويظهر أعطاباً جوهرية جعلت البرلمان المغربي مؤسسة مثقلة بالقصور وفاقدة للمصداقية.
هذه الأعطاب العشرة توضح الأسباب الجوهرية وراء ضعف الأداء الديمقراطي وتؤكد أن الرهان الحقيقي ليس على تعديل القوانين، بل على الإصلاح الأخلاقي والسياسي داخل الأحزاب نفسها.
1. غياب التخليق الداخلي للأحزاب الأحزاب المغربية تصر على رفع شعارات الشفافية والمساءلة، لكنها لم تنجح في بناء آليات داخلية لضمان انتقاء مرشحين مؤهلين سياسيًا وأخلاقيًا.
غالبا ما تُستدعى وجوه مستهلكة أو فاسدة، أو أشخاص يمتلكون المال والنفوذ، دون النظر إلى مؤهلاتهم الوطنية أو الكفاءات اللازمة لتسيير الشأن العام. هذا يعكس انحرافًا خطيرًا عن الهدف الأساسي للأحزاب: إنتاج نخبة مسؤولة وفعالة.
2. هيمنة الزبونية والولاءات المحلية على حساب الكفاءة الانتخابات البرلمانية والتغول العائلي يتحكمان فيها في كثير من الأحيان والولاءات القبلية والعائلية والمصالح الضيقة، وليس الكفاءة أو القدرة على الترافع السياسي.
هذا الواقع يحول البرلمان إلى منصة لسيرك خطابي وضعف أدائي، ويضعف قدرة المؤسسة على أداء وظائفها الرقابية والتشريعية بكفاءة.
3. ضعف التكوين السياسي والفكري داخل الأحزاب غياب مدارس حزبية فعلية لتكوين مناضليها أدى إلى دخول كثير من النواب البرلمان وهم يفتقرون لفهم أسس عمل اللجان وصياغة السياسات العامة.
هؤلاء النواب يتحولون إلى مجرد أصوات للتصويت، ما يؤدي إلى تدني مستوى التشريع ويضعف الأداء البرلماني، ويجعل البرلمان أقل قدرة على معالجة التحديات الوطنية.
4. غياب الإرادة الحزبية لمواجهة الفساد، الأحزاب غالبا ما تكون متورطة في ممارسات فاسدة، مثل بيع التزكيات أو تمويل الحملات بطرق مشبوهة، ما يعكس نقص الإرادة السياسية الداخلية لمواجهة الفساد. هذا الواقع يحرم المواطن من ممثلين حقيقيين ويكرس منطق الإفلات من العقاب داخل المؤسسات.
5. انعدام التواصل الحقيقي مع المواطنين الأحزاب تحولت إلى أبراج مغلقة لا تتفاعل مع المجتمع إلا خلال الحملات الانتخابية. المواطن يرى الحزب كأداة لجمع الأصوات فقط، ما يوسع الفجوة بين البرلمان والمجتمع ويضعف شرعية التمثيل، ويجعل العملية الديمقراطية أقل مصداقية.
6. غياب الديمقراطية الداخلية، التزكيات توزع على أساس الولاءات والعلاقات، بينما القيادات الحزبية تعيد إنتاج نفسها باستمرار...
هذا يمنع ظهور وجوه جديدة ويكرس نخبة مستهلكة، ويجعل أي إصلاح تشريعي محدود التأثير، إذ أن الأزمة أساسها هيكلي داخلي وليس قانوني.
7. هشاشة الحياة السياسية أمام قوة المال والنفوذ المال والنفوذ يهيمنان على الانتخابات، حيث يحصل أصحاب الموارد الكبيرة على اليد العليا في الوصول إلى البرلمان.
هذا الوضع يحرم الكفاءات الحقيقية من المشاركة ويحول السياسة إلى ساحة لمصالح خاصة، ما يضعف جودة التشريع والرقابة.
8. غياب ثقافة المساءلة غياب المحاسبة يؤدي إلى أداء ضعيف للنواب في اللجان والجلسات العامة. كثير منهم يغيبون أو لا يقدمون مساهمة فكرية، بينما الأحزاب تتستر عليهم حفاظًا على مصالحها الانتخابية، ما يعمق ثقافة الإفلات من المسؤولية ويضر بمصداقية البرلمان.
9. الأزمة الفكرية للأحزاب الأحزاب لم تعد تنتج خطابًا سياسيًا مقنعًا أو بدائل حقيقية للسياسات العمومية. الوعود الانتخابية سطحية ومتكررة، والخطاب السياسي فقير بالمبادرات والأفكار، ما يجعل المواطن يفقد الثقة في قدرة البرلمان على معالجة القضايا الوطنية بجدية.
10. فقدان الثقة الشعبية، فكل الأعطاب السابقة تتكامل لتقود إلى عزوف انتخابي واسع وانفصال كامل بين المجتمع والسياسة.
المواطن يرى ممثلين فاسدين أو عديمي كفاءة، ما يضعف شرعية المؤسسات الديمقراطية ويجعل أي إصلاح قانوني غير كافٍ ما لم يواكبه إصلاح أخلاقي وسياسي جذري.
يظهر أن الرهان الحقيقي ليس على تعديل القوانين أو فرض شروط تعليمية، بل على إعادة هيكلة الأحزاب على أسس أخلاقية وقيمية.
المطلوب هو فرز نخبة سياسية مسؤولة، قادرة على الترافع الوطني، دمج الكفاءات، محاربة الفساد، وتطبيق الديمقراطية الداخلية.
الإصلاح الأخلاقي للحياة الحزبية هو الضامن الوحيد لتجويد الأداء البرلماني وتحقيق ديمقراطية حقيقية وشرعية شعبية راسخة.




You really know your stuff. 👉 Watch Live Tv online in HD. Stream breaking news, sports, and top shows anytime, anywhere with fast and reliable live streaming.