عادل الجلابي
جميل أن نفخر بالتراث الشعبي، بالأهازيج الشعبية، بكل التعبيرات الشعبية في الإيقاع والغناء والاحتفالية، لكن لكل مقام مقال، ولكل شكل تعبيري فعاليات تليق له، بحيث ألا تختلط القراءة والدف، والكتاب والعيطة، وصخب الرقص والغناء الشعبي بأجواء معارض الكتاب.
هذا ما يقع الآن في معرض الكتاب بابن أحمد، حيث تعاني قدسية الكتاب من صخب الغناء الشعبي، وحيث يلوث معبد الكتاب الهادئ بأصوات غنائية شعبية تخلط معرض الكتاب بقاعات الأعراس، حال نأسف له، فأحيانا يكون الكتاب مجرد حجة للترفيه والتلفيق، وهذا يعكس مدى قدرة المنظمين على تتمثل الفعل الثقافي كفعل تنموي، وتطوير آليات الاشتغال وتوسيع الشراكات.
جميل أن نفخر بتراثنا الشعبي، بالأهازيج التي تملأ الأجواء بالفرح، وبكل التعبيرات الشعبية التي تضفي طابعًا خاصًا على احتفالاتنا. لكن يبدو أن هناك خلطًا غريبًا يحدث في معرض الكتاب بمدينة ابن أحمد، حيث تعاني قدسية الكتاب من صخب الغناء الشعبي، وكأننا في حفل زفاف وليس في فضاء ثقافي.
فبدلاً من أن نغوص في عوالم الأدب والفكر، نجد أنفسنا محاطين بأصوات العيطة التي ترفع منسوب الحماس وكأننا في قاعة أعراس. هذا المزيج الغريب يعكس كيف يمكن أن يتحول الكتاب إلى مجرد حجة للترفيه والتسلية، مما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة المنظمين على تقديم الفعل الثقافي كفعل تنموي حقيقي.
هل من المعقول أن نرى الزائر تحت عاصفة وقع دفوف الطبول وهو يطوف بحثا عن متعة من نوع آخر تتطلب راحة الوجدان؟ يبدو أن المعرض أصبح ساحة لتبادل الأهازيج بدلاً من الأفكار. فبدلاً من تعزيز القراءة والإبداع، نحن نشهد احتفالية قد تسيء لهيبة الكتاب وتجعله مجرد ديكور في مشهد فني صاخب.
إنها دعوة لتأمل العلاقة بين الكتاب والأهازيج، فلكل مقام مقال، ولعل الوقت قد حان لتحديد الفضاءات المناسبة لكل تعبير ثقافي. فلنحافظ على قدسية الكتاب وندع الأهازيج تحتفظ بمكانتها في الاحتفالات، بعيدًا عن أجواء المعارض الثقافية.